الخميس، 16 أغسطس 2012

اليوم - السعودية - التعايش الإسلامي والأجندات

اليوم - السعودية - التعايش الإسلامي والأجندات


التعايش الإسلامي والأجندات

التعايش الإسلامي والأجندات
تلتئم القمة الإسلامية الاستثنائية الثالثة في مكة المكرمة وسط تحديات لم يشهدها العالم الإسلامي منذ الحرب العالمية الأولى، فأمام القمة قضايا سوريا وبورما وفلسطين، وكما نعلم فإن عدد الدول التي تشارك في القمة 57 دولة، تتفاوت كل منها من حيث تركيبتها الدينية والمذهبية والعرقية والثقافية. أما ما يجمعها ويسربلها فهو ثوب الإسلام الحنيف وإلا لما التأم جمعها في قاعة واحدة.
وقد تناولت القمة الاستثنائية الثانية تناولاً عميقاً أهمية الارتكاز على ما يجمع كأداة لنبذ الفرقة وتقوية الذات واللحمة بين الدول الأعضاء، وبين تلك الدعوة والتقاتل المشاهد حالياً والتنابز والحنق والتكفير بون شاسع، ما يدفع للقول: على الأمة الإسلامية أن تختار بين طريق التعايش بين مكوناتها باحترام وحرية وبين مكافحة بعضها بعضاً فيعمل كل طرف من مبدأ، أن الطرف المسلم المقابل هو سبب كل بلاء على وجه البسيطة في الماضي والحاضر والمستقبل! أما القمة الإسلامية فقد حسمت هذا الجدل لمصلحة التعايش والتآلف، وأما التحدي على الأرض فهو الالتزام بما قررته القمة، إذ لا يستقيم أن يتحدث أحد عن التعايش ويمارس التباغض والتقاتل والتمترس خلف ما يفرق،
ويجب ألا ننسى للحظة أن الدول الإسلامية هي دول ذات سيادة لكل منها علم وأرض وحدود وتطلعات وطنية والأهم من هذا كله أن لكل من تلك الدول شعبا له سمات وطبائع وشئون وقضايا وطنية ومصالح سياسية اقليمية ودولية، وهكذا نجد أن لكل دولة من الدول الإسلامية المشاركة في القمة أجندة وطنية تمثل همومها وتطلعاتها، وليس واضحاً مدى التطابق بين الهموم والتطلعات على المستوى الوطني لكل دولة وبين الأجندة الإسلامية، فأجندة القمم الإسلامية كانت دائماً أجندة تعايش وتقارب واستنهاض الأمة واستلهام مصادر قوتها والطاقة الكامنة لدى شعوبها. أما على مستوى كل دولة فلابد من رسم خط يصرّ على التعفف عن الخلط بين التنوع والتقاطعات الدينية والمذهبية وبين الولاء الوطني؛ إذ ليس بينهما تعارض رغم احتدام الجدل حول الالتقاء الفكري أو المذهبي أو العقدي وتناقض ذلك مع انتماء أو كمال انتماء شخص للدولة الوطنية، فالاصرار على التشكيك في المواطنة ارتكازاً إلى مذهب هو إصرار يناقض ما تناولته كل القمم الإسلامية بما فيها القمتان الاستثنائيتان الأخيرتان، بل إنه إصرار يهد ركيزتين سوياً؛ يدحر فكرة التعايش الإسلامي دحراً ويفتك بولاء المواطن لوطنه فتكاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق